بقلم: لمى بركات
من بين كل أنواع الذكاء الموجودة في حياتنا اليومية نأتي اليوم للحديث عن الذكاء العاطفي الذي أجده صلة الوصل بين المحسوب والمحسوس. أي أنه القدرة على التحكم بالشعور بما يتماشى مع متطلبات الموقف المنطقية والعملية. فهو يعتمد على فهم ذاتنا ومشاعرنا، ويعتمد أيضاً على مدى شعورنا بالآخرين وفهمنا لمشاعرهم وأفكارهم على حدٍ سواء. ومن بين الأمور المهمة التي تؤثر على تقييمنا كأذكياء عاطفياً هي قدرتنا على تحفيز أنفسنا حتى لو كانت الظروف حولنا توحي بعكس ذلك.
وفي ظل سيطرة الأدوات التكنولوجية على حياتنا اليومية أصبحنا نبتعد في كل يوم خطوة إضافية عن المشاعر التي تعتمل فينا حتى، لأنَّ الهاتف لا يفارقنا ومن الممكن كثيراً أن يبدأ عقلنا الباطن بتعميم جمود الهاتف الذي نتعامل معه على الأشخاص الذين نتعامل معهم.
مقومات الذكاء العاطفي
بحسب كتاب الذكاء العاطفي الذي نشره عالم النفس الأميركي دانيل غولمان عام 1995 فإنَّ الذكاء العاطفي يقوم على 5 ركائز، كالتالي:
1- الوعي الذاتي Self Awareness
وهي القدرة على فهم مشاعرنا الخاصة ومدى تأثيرها على أفعالنا وأفكارنا. فعند فهم المشاعر بشكل صحيح نستطيع التحكم بالمواقف استباقياً مما يضمن القيام بواجباتنا بكفاءة عالية.
2- التحكم الذاتي Self Regulation
يُعرَف أيضاً بالتوازن العاطفي، وهو القدرة على ضبط مشاعرك تحت ظروف العمل الضاغطة مثلاً بأقل الانفعالات السلبية التي قد تؤثر على أدائك وتركيزك أو على علاقاتك مع من حولك.
3- التحفيز Motivation
يأتي التحفيز الذاتي من الثقة بالذات وبوجوب تحقيق الهدف مهما كانت الصعوبات والعراقيل. فالقائد يجب أن يمتلك الحافز الكافي للوصول إلى الهدف لأنه يمتلك الرؤيا الكاملة للفوائد المحققة من الهدف والتي ستعود بالنفع على الفريق كاملاً.
4- التعاطف Empathy
التعاطف يعني أنَّ لديك القدرة على الشعور بالآخرين ورؤية الأمور من منظارهم وزاويتهم لفهم وجهة نظرهم، ولتشعرهم أيضاً أنك تفهم مشاعرهم وتقدرها كما أفكارهم وانجازاتهم حيث تنصت لهم باهتمام واحترام. التعاطف بمعنى آخر هو الوعي لوجود الاختلاف واحترامه والتعامل معه بفعالية.
5- المهارات الاجتماعية Social Skills
تتضمن هذه المهارات مهارة الاقناع، مهارة التواصل الكلامي وغير الكلامي (لغة الجسد)، الاستماع الفعال، مهارة حل المشكلات، مهارة القيادة.
وكلها مهارات ناعمة يمكن تطويرها وتفعيلها في الزمان والمكان المناسبين.
أهم 6 حقائق عن الذكاء العاطفي:
وسنأتي الآن للحديث عن 6 حقائق مهمة عن الذكاء العاطفي على كل واحد منا أن يعرفها.
الحقيقة الأولى: يُمَكٍنُكَ الذكاء العاطفي من التعامل مع المتغيرات حولك بمرونة أكثر
التدرب على مهارات الذكاء العاطفي يعطيك الأدوات اللازمة للتعامل مع مشاعرك وخاصة عند حدوث تغيرات في العمل قد تجعلك تشعر بعدم الأمان والتوتر. فتتمكن من تقبل مشاعرك والتعامل معها لتبقى مسيطراً على أعصابك دون أي توتر.
الحقيقة الثانية يُمكنُكَ العمل على تطوير الذكاء العاطفي لديك
وذلك بقراءة الكتب ككتاب الذكاء العاطفي الذي ذكرناه آنفاً
أو كتاب النوع الآخر من الذكاء، هارفي دوتشندورف، مكتبة جرير
أو يمكنك مشاهدة فيديوهات على اليوتيوب
كملخص كتاب دانيل غولمان
أو ملخص كتاب النوع الآخر من الذكاء
الحقيقة الثالثة يساعدك الذكاء العاطفي على التطور في عملك
حيث أنَّ التحكم بمشاعرك أثناء التعرض لضغوطات العمل -من زملاء كسالى مثلاً أو مستفزين بقلة مسؤوليتهم مع وجود حجم عمل لابد من تنفيذه خلال وقت محدد- يجعلك شخصاً هادئاً يعمل بفعالية لتحقيق الغاية من عملك. مما يهيئك لتحسين أدائك وتكون مرشحاً غالباً لتولي القيادة يوماً ما.
الحقيقة الرابعة يخفف الذكاء العاطفي من الضغط النفسي
يترافق التطور الشخصي أو العملي بضغوطات دائمة ويتميز بأنه دائماً يضعنا في منطقة اللاراحة. فلذلك عندما تنتبه للتدرب على مهارات الذكاء العاطفي يمكنك تجاوز الضغط النفسي والعمل على غاياتك وتحقيقها.
الحقيقة الخامسة العمل على تطوير الذكاء العاطفي يحسن العلاقات الاجتماعية
وذلك من خلال تعاملك مع مشاعرك الخاصة بدلاً من التعبير عنها والذي عادةً ينتهي بسوء تفاهم قد يوتر الأجواء من حولك.
الحقيقة السادسة الذكاء العاطفي الفعال يزيد ايجابية البيئة المحيطة
عندما تستطيع السيطرة على ردود فعلك السلبية نتيجة المؤثرات الخارجية وتتعامل معها بأسلوب الحل وليس فرض المشكلة . تصبح الأجواء المحيطة ايجابية حتى لو لم يحرص من حولك على الانتباه للذكاء العاطفي ومهاراته فسيكون لديك أنت الوعي الكافي لتجاوز سلبيات المواقف الحاصلة.
وآخيراً يقول دانيل غولمان: يصف مصطلح الذكاء العاطفي ذكاء من نوع آخر. حيث يعتبر الذكاء العاطفي مفتاح الأداء المميز، وخاصة للقيادة المميزة. وهو ليس الذكاء الذي يشار له عادة، بل إنه كيفية إدارتك لمشاعرك ولعلاقاتك مع الآخرين.