بقلم: سهيلة صابر
لا تخلو حياةٌ من مشكلات، ولا يستطيع أحدٌ زعم عدم مواجهته لأي عقبة أو صعوبة في يومٍ من الأيام، ومع تزايد تعقيدات حياتنا ومتطلّباتها تتزايد المشكلات تبعًا لها، حتى صارت المشكلة جزءً لا يتجزأُ من يومنا، فأصبح من الضروري علينا أن نتعلم كيف نواجهها ونتعامل معها بالشكل الصحيح وليس الهرب منها، وهذا التعامل الصحيح مع المشكلة هو ما يعرف بـ مهارة حل المشكلات.
ولأن في معرفة المشكلة يكمنُ نصف الحل، تعالوا أولًا نحددُ للمشكلةِ تعريفًا واضحًا، نستندُ عليهِ في التعرّف عليها، فنتساءل ما هي المشكلة؟
ما هي المشكلة :
هي كل موقف غير مألوف، يكون عقبة في طريق وصول الفرد لأهدافه، يصاحب وقوعها شعور الفرد بالكثير من المشاعر السلبية والتي قد يكون منها الضيق والحزن والغضب وسرعة الانفعال وغيرها، مما يدفع الفرد للوصول إلى حلٍ لها للتخلص من تلك المشاعر.
وبعد أن تعرّفنا على المشكلة وقمنا بتحديدها، توجّب علينا أن نتعلم المهارات اللازمة التي ستُغلِّبنا على تلك المشكلة، والتي تعرف بـ مهارة حل المشكلات.
ما هي مهارة حل المشكلات ؟
هي قدرة العقل على توليد حلول فعّالة لكثير من المشكلات التي قد يتعرض لها الفرد بشكل مفاجئ، والتعامل معها بشكل جيد لتحصيل أكبر استفادة ممكنة منها، وتفادي الكثير من الخسائر.
فهي مجموعة من الحيل التي يقوم بها الفرد مستخدمًا خبرته السابقة ومعلوماته التي سبق له تعلمها، للسيطرة مع موقف غير مألوفٍ له، هذا ما يعرف بـ مهارة حل المشكلات أو Problem Solving Skills.
وهي مهارة تتسم بالمرونة لتضمنها الكثير من المهارات الفرعية، من بينها مثلًا :
1 - مهارة الاستماع الجيد
ولا نعني هنا التزام الصمت عندما يتكلم من يحاورك، وإنما اعطائه جُلَّ اهتمامك للوصول إلى المعاني التي يحملها لك في طيّاتِ كلامه، وعدم مقاطعة حديثه واظهار الاحترام له ولما يقول.
2 - التحلِّي بالذكاء العاطفي
وهي القدرة على فهم مشاعر الآخرين ومعرفة ما قد يجولُ بخاطرِهم، وتفهّم ردود الفعل الناتجة والقدرة على التفسير الجيد لها، ومن ثم الوصول إلى حلٍ للموقف يتناسب مع كل تلك الاعتبارات السابق ذكرها.
3 - مهارة التحليل
وهي قدرة الفرد على فهم وتعريف المشكلة التي يواجهها تعريفًا صحيحًا واضحًا، ومن ثم دراسة كل الحلول والخيارات المتاحة لهذه المشكلة، وفي إطار المتاح له من الخيارت يختار أفضلها لحل ذلك الاشكال.
4 - القدرة على اتخاذ القرار
وهي القدرة على دراسة المشكلة الواقعة دراسة جيدة واستحضار جميع الحلول المتاحة والمناسبة لها، وتقييم كل تلك الحلول من حيث السلبيات والايجابيات، ومن ثم اختيار حل واحد فقط من بينهم يكون أكثر الحلول تناسبًا من حيث التكاليف والنتائج المترتبة.
5 - عدم الخوف من المخاطرة
قد تحتاج العديد من المشكلات التي يواجهها الفرد إلى نسبة من المخاطرة في حلّها، فيتوجب على الفرد أن يتحلّى بالشجاعة وألا يهابَ التجربة، والتي قد يترتب عليها نتائج غير متوقعة، بهدف الوصول إلى حل ناجح.
6 - مهارة العمل الجماعي
وهو قدرة الفرد على التواصل الجيد مع فريقه لتبادل الخبرات والأفكار، وإظهار التعاون والاحترام والدعم، للوصول إلى الهدف المشترك والمنشود لجميع أعضاء الفريق، دون حدوث أي مشكلات وتفادي أكبر الخسائر.
7 - سرعة اغتنام الفرص
يتوجب على الشخص المتصدر لحل المشكلات أن يكون سريع الاقتناص للفرص التي قد تتاح في وقتٍ ما ولا تتاح في وقتٍ آخر.
وللتحلّي بتلك المهارات، ومن ثمّ تطوير مهارة حل المشكلات لديك ، دعني أخبركَ ببعضٍ من الطُرُق التي بتطبيقها ستتمكن من حلّ أي مشكلةٍ تواجهك، مهما بلغت من الصعوبة والتعقيد.
٧ طُرق فعّالة لتطوير مهارة حل المشكلات لديك :
1 - قم بتحديد المشكلة
لن تقدر على إيجاد حلٍ لأي مشكلة ما دمت لا تعلم أين يقع الإشكال تحديدًا، فمتى استطعت أن تعرّف مشكلتك تعريفًا دقيقًا حتمًا ستجد لها حل.
2 - قم بأبحاثك حول المشكلة
ابحث عن كل ما يتعلق بالمشكلة من حيث طبيعتها والأسباب التي أدت لظهور تلك المشكلة.
3 - فكّر في كل الحلول المتاحة
بعد أن عرّفت مشكلتك تعريفًا واضحًا، وبحثت عن الأسباب المؤدية لها، يتبقى لك أن تجمع كل الحلول المتاحة لذلك الإشكال، وذلك يتم من خلال العصف الذهني ووضع الخطط، ولا مانع من الاستشارات من أهل الثقة.
4 - اتّخذ قرارك بشأن الحل
بعد أن قمت بجمع كل الحلول المتاحة، قم بتضييق نطاق قائمة اختياراتك بشكل عملي أملًا في الوصولِ إلى أفضل حل.
5 - ضع خطة لتنفيذ الحل المُنتقى
بعد قيامك بجمع الحلول ومن ثم اختيار أفضل حل من بينهم لتنفيذه، يتوجب عليك وضع خطة لكيفية التنفيذ مراعيًا عامل الوقت، كم ستستغرق مدة تنفيذ القرار؟ وهل تلك المدة متاحة لك؟ هل يتوفر لديك الإمكانات اللازمة لتنفيذ ذلك القرار؟ وغيرها من الاعتبارات الواجب أخذها قبل التنفيذ، ضع كل ذلك في خطة.
6 - نفّذ الحل الذي اخترته
قم بتنفيذ ذلك الحل الذي وقع اختيارك عليه، ولكن انتبه إلى التوقيت، لأنه قد يكون قرارك صحيح ولكن اختيارك لتوقيت التنفيذ خاطئ، فيؤدي ذلك غالبًا إلى عدم تحقق النتيجة المرجوّة، فلا تكن متسرعًا.
7 - انتظر نتائج حلِّك
قم بملاحظة رحلة سير قرارك، هل كل شيء يسير على ما يرام وفق الخطة الموضوعة، أم أنه من الأفضل أن تتخذ بعض الإجراءات الإضافية حتى نسير وفق الخطة، ويجب أيضًا أن تراقب الإطار الزمني الموضوع للتنفيذ.
ماهي معوقات حل المشكلات؟
عدم ادراك المشكلة الحقيقية أو عدم القدرة على تعريفها تعريفًا صحيحًا،أو التهوين من حجمها، أو النظر إليها بشكل شخصي، أو إهدار الطاقات في اللوم بدلًا من البحث عن حلول فعّالة للحل، كل ذلك يعيق حل أي مشكلة.
وفي النهاية وبعد أن قمنا بعرض متواضع لمهارة حل المشكلات، ابتداء من تعريف المشكلة، ومعرفة أهم مهارات حل المشكلات، وكيفية اكتسابها وتطويرها، تبقى لي أن أخبرك عزيزي القارئ أنّ تلك المهارات لن تُكتسب في ليلةٍ وضحاها، أو لن تظهر جميعها فجأة عند وقوع أي مشكلةٍ لك، وإنما بالتمرّن المستمر عليها، وتعمّد ممارستها في كل موقفٍ من مواقف حياتك، فالسرّ يكمن في الممارسة عزيزي القارئ.