الحكم علي الناس | نجيب محفوظ | رواية الحرافيش
(الناس تُرَاقَب وتتذكر تُحْصِي الْفُتَات والنوايا تُؤَوَّل الْأَوْهَام بأوهام) اللي قالها نجيب محفوظ فى روايته الحرافيش ، لما قرأتها من فترة معدتش عليا مرور الكرام الحقيقة لمغزاها الجميل جدًا
هو اننا منصدرش أحكامنا بناءً علي مبادئنا وأفكارنا ومعتقداتنا اللي ورثناها أو اكتسبناها ، القضية الواحدة لما بتتناقش بيختلف فيها أحكام الناس ، فما بالك بالحكم ع الشخص عمر ما المسطرة اللي بيتقاس بيها أفعال الناس واحدة !!
(إن الْحُكْمِ إلَّا لله) مين احنا عشان نقول ده أخطأ وده مأخطأش ده هيدخل الجنة وده هيدخل النار، ليه ننصب نفسنا إله فى الأرض يراقب ويحصي ونحكم !
إبليس لما كلم ربنا وقاله أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين وحكم علي آدم انه أقل منه ، عابد بني إسرائيل اللي عمل آثام الدنيا كلها وجه يطلب التوبة من الله والنصيحة من الناس حكموا عليه بالكفر وان ملوش توبة ،
كلها أمثلة وغيرها وغيرها من الذم قبل النصيحة والحكم ع الخلق والناس بدون أدني حق، فيه حديث كريم اتذكره كويس جدًا بيقول ايه ( إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ).
ده بيقولك لو شوفت واحد بيشرب خمرة متحكمش عليه لأنك مش خيرًا منه ولو بذرة انت مش عارف الشخص ده مبتلى بالخمر وبيحاول يتعافي منه وبيضعف ، مش عارف لو ليه حسنة ميعلمهاش غير ربه هيدخل بيها الجنة ، متعرفش أي خاتمة ممكن تتختم بينا فالدنيا أو ممكن نبتلي زيه أو لأ !
شوفك الي ما بُطن فيك من العيوب خيرٌ من شوفك الي ما خفي عنك من الغيوب ، جملة لابن عطاء الله السكندري بتعبر عن اللي عايز أقوله ، احنا مش مطالبين بالحكم علي أي شخص ولا التقليل منه حتي عند النصح ، انشغالنا بالناس من علامات الإفلاس ومن علامات الغفلة ، سيب الحكم لرب الناس اللي عالم بخفايا الصدور (ولدينا كِتَاب يَنْطِق بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يظلمون) .
فـ اللهم إنا نسألك السلامة فى نفوسنا والرضا بقضائك وفهم الحكمة فى أفعالك وانشغالنا بك عمن سواك .. اللهم آمين
بقلم : طارق البساطي